ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه من الأذى
صفحة 1 من اصل 1
ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه من الأذى
بسم الله الرحمن الرحيم
ماأنزل الله تعالى في أبي لهب
فجعلت قريش حين منعه الله منها, وقام عمه وقومه من بني هاشم وبني المطلب ودونه, وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به- يهزمونه ويستهزئون به, ويخاصمونه, وجعل القرآن ينزل في قريش بأحداثهم وفيمن نصب لعداوته منهم, فمنهم من سمي لنا, ومنهم من نزل فيه القرآن في عامة من ذكر الله من الكفار.
فكان ممن سمي لنا من قريش ممن نزل فيه القرآن عمه أبو لهب بن عبد المطلب, وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية, حمالة الحطب, وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب؛ لأنها كانت- فيما بلغني- تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر فأنزل الله تعالى فيهما: (( تبت يدآ أبي لهب وتي ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى ناراً ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد))
قال ابن هشام: الجيد: العنق؛ قال أعشى بني قيس بن ثعلبه:
يوم تبدي لنا قتيلة عن جيــ ــد أسيل تزينه الأطواق
وهذا البيت في قصيدة له وجمعه أجياد, والمسد: شجر يدق كما يدق الكتان فتفتل منه حبال؛ قال النابغة الذبياني, واسمه زياد بن عمرو بن معاوية:
مقذوفة بدخيس النحض بازلها له صريف صريف القعو بالمسد
وهذا البيت في قصيدة له. وواحدته: مسدة.
أم جميل ورد الله كيدها عن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: فذكر لي: أن أم جميل حمالة الحطب حين سمعت ما أنزل فيها, وفي زوجها من القرآن, أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فهر من حجارة, فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلا ترى إلا أبا بكر, فقالت: يا أبا بكر, أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني, والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه, أما والله إني لشاعرة, ثم قالت:
مذمما عصينــــا وأمره ابينــــــا
ودينه قلينـــا
ثم انصرفت, فقال أبو بكر: يارسول الله, أما تراها راتك, فقال: مارأتني, لقد أخذ الله ببصرها عني.
قال ابن هشام: قولها ((ودينه قلينا)) عن غير ابن إسحاق
قال ابن إسحاق: وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما, ثم يسبونه, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ألا تعجبون لما يصرف الله عني أذى قريش, يسبون ويهجون مذمما وانا محمد))
ذكر ماكان يؤذي به أمية بن خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح, كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه, فأنزل الله تعالى: (( ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده * يحسب أن ماله أخلده * كلا لينبذن في الحطمة * وما أدراك ماالحطمة * نار الله الموقدة * التي تطلع على الأفئدة * إنها عليهم مؤصدة * في عمد ممده))
قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرجل علانية, ويكسر عينيه عليه, ويغمز به, قال حسان بن ثابت:
همزتك فاختضعت لذل نفس بقافية تأجج كالشـــواظ
وهذا البيت في قصيدة له. وجمعه همزات, واللمزة: الذي يعيب الناس سرا ويؤذيهم
قال رؤبة بن العجاج:
في ظل عصري باطلي ولمزي
وهذا البيت في أرجوزة له. وجمعه: لمزات
ماكان يؤذي به العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما نزل فيه
قال ابن إسحاق: والعاص بن وائل السهمي, كان خباب بن الأرت, صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيناً بمكة يعمل السيوف, وكان قد باع من العاص بن وائل سيوفا عملها له, حتى كان له عليه مال, فجاء يتقاضاه, فقال له: ياخباب, أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي انت على دينه أن في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب, أو فضة أو ثياب أو خدم! قال خباب: بلى, قال: فأنظرني إلى يوم القيامة ياخباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هنالك حقك, فوالله لاتكون أنت وصاحبك, ياخباب, آثر عند الله مني, ولا أعظم حظا في ذلك, فأنزل الله تعالى فيه: (( أفرءيت الذي كفر بأياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب)) إلى قوله تعالى: (( ونرثه مايقول ويأتينا فردا))
ماكان يؤذي به أبو جهل رسول الله صلى اله عليه وسلم, ومانزل فيه
ولقي أبو جهل بن هشام رسول الله صلى الله عليه وسلم-فما بلغني-فقال له: والله ياحمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد, فأنزل الله تعالى عليه فيه: (( ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم )) فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كف عن سب آلهتهم, وجعل يدعوهم إلى الله.
ماكان يؤذي به النضر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومانزل فيه
والنضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي, كان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا, فدعا فيه إلى الله تعالى, وتلا فيه القرآن, وحذر (فيه) قريشا ما أصاب الأمم الخالية, خلفه في مجلسه إذا قام, فحدثهم عن رستم السنديد وعن أسفنديار وملوك فارس, ثم يقول: والله ما محمد بأحسن حديثا مني, وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها, فأنزل الله فيه: (( وقالوا أساطير الأولين أكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفوراً رحيما))
ونزل فيه: (( إذا تتلى عليه ءايتانا قال أساطير الأولين)) ونزل فيه: ((ويل لكل أفاك أثيم يسمع ءايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم))
قال ابن هشام: الأفاك: الكذاب, وفي كتاب الله تعالى: (( ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون ))
وقال رؤبة (بن العجاج)
ما لامريء أفك قولاً إفكا
وهذا البيت في أرجوزة له.
قال ابن إسحاق وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم, يوماً- فيما بلغني- مع الوليد بن المغيرة في المسجد, فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معه في المجلس, وفي المجلس غير واحد من رجال قريش, فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعرض له النضر بن الحارث, فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه؛ ثم تلا عليه وعليهم: (( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون او كان هؤلاء ءالهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لايسمعون))
قال ابن هشام: حصب جهنم: كل ما أوقدت به؛ قال أبو ذؤيب الهذلي واسمه خويلد بن خالد:
فأطفيء ولا توقد ولاتك محضأ لنار العداة أن تطير شكاتــها
وهذا البيت في أبيات له. ويرى: ((ولاتك محضأ)) قال الشاعر:
حضأت له ناري فأبصلر ضوءها وماكان لولا حضأة النار يهتدي
مواضيع مماثلة
» تكميل (ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه من الأذى)
» تكميل (مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه، وما كان منهم)
» مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ، وما كان منهم
» ذكر ما لقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من قومه
» تكميل (ما درا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم) وبين رؤساء قريش ، وتفسير لسورة الكهف )
» تكميل (مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه، وما كان منهم)
» مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ، وما كان منهم
» ذكر ما لقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من قومه
» تكميل (ما درا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم) وبين رؤساء قريش ، وتفسير لسورة الكهف )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى