تكميل (أمر الفيل ، وقصة النسأة)
صفحة 1 من اصل 1
تكميل (أمر الفيل ، وقصة النسأة)
عبد المطلب في الكعبة يستنصر بالله على رد أبرهة
فلما انصرفوا عنه، انصرف عبد المطلب إلى قريش، فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرُّز في شَعَفِ الجبال والشِّعاب تخوفا عليهم من معرَّة الجيش ، ثم قام عبد المطلب، فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ، ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لاهُمَّ إن العبدَ يمنــــــــ ـــــعُ رحلَه فامنعْ حلالَكْ
لا يَغْلِبَنَّ صليبُهـــــــــم ومِحَــالُهم غَدْواً مِحَـالَكْ
( زاد الواقدي ) :
إن كنتَ تاركَهم وقِبـــ ــلتنا فأمـــْر مَـا بـــَدَا لَكْ
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها.
شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود
قال ابن إسحاق: وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصَي:
لاهُمَّ أخزِ الأسوَدَ بنَ مقصودْ الآخــذ الــهجمـةَ فيـها التقليد
بينَ حِــراءَ وثبيــر فـالْــبِيـــدْ يَحْبِسها وهي أولاتُ التّطْريدْ
فضَمَّها إلـى طماطِمٍ ســـــودْ أخْفِرْه يــا ربِّ وأنت محمود
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها ، والطماطم: الأعلاج .
قال ابن إسحاق: ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شَعَف، الجبال فتحرَّزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها.
دخول أبرهة مكة ، وما وقع له ولفيله ، وشعر نفيل في ذلك
فلما أصبح أبرهة تهيَّأ لدخول مكة، وهيأ فيله، وعبى جيشه وكان اسم الفيل محموداً، و أبرهة مُجْمِع لهدم البيت، ثم الانصراف إلى اليمن، فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نُفَيل ابن حبيب (الخثعمي) حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذه بأذنه، فقال: ابرك محمود، أو ارجع راشداً من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل، وخرج نُفَيْل بن حبيب يشتد حتى أصْعَد في الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا (في) رأسه بالطَّبَرْزين ليقوم فأبى، فأدخلوا محاجن لهم في مَرَاقه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، فأرسل الله تعالى عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبَلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعَدَس ، لا تصيب منهم أحداً إلا هلك، وليس كلهم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألون عن نُفَيْل بن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن، فقال نُفَيل - حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:
أين المفرُّ والإلهُ الطالبُ والأشرمُ المغلوبُ ليس الغالب
قال ابن هشام: قوله: " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: وقال نفيل أيضاً:
ألا حُـــيِّيتِ عنـا يـا رُدَيـْنَــا نــعمناكــم مع الِإصباحِ عينَا
(أتانـا قـابـس منكم عشــــاء فلم يقــدر لقـابســكم لــدينا)
رُدَيْنةُ، لــو رأيتِ ولا ترَيْه لدي جَنْب المُحصَّبِ ما رأينا
إذاً لعذرتِني وحمدْتِ أمـري ولم تأسَيْ على مـا فــات بَيْنا
حَمِدْت الله إذ أبصرتُ طيراً وخِفْتُ حجــارةً تُلْقَى عــلينا
وكــلّ القوم يسأل عـن نُفَيل كــأن عَلَي للــحُبْشانِ دَيــْنــَا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلِكون بكلِّ مَهْلِك، على كل مَنْهل، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط ( أناملة )أنْملة أنْملة : كلما سقطت أنْملة أتبعتها منه مده تَمُثُّ قيحاً ودماً، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرْخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدرهُ عن قلبه، فيما يزعُمون.
قال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عُتبة أنه حُدِّث:
أن أول ما رُؤيت الحصبةُ والجُد َرِي بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رُئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعُشَر ذلك العام.
ما ذكر القرآن عن قصة الفيل ، وشرح ابن هشام لمفرداته
قال ابن إسحاق: فلما بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم- كان مما يَعُدُّ الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم، فقال الله تبارك وتعالى:{ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } [الفيل:1ـ5] وقال: {لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:1ـ4]
أي لئلا يغير شيئاً من حالهم التي كانوا عليها، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.
قال ابن هشام: الأبابيل: الجماعات، ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه، وأما السِّجِّيل: فأخبرني يونس النحوي وأبو عُبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب قال رُؤبة بن العَجَّاج:
ومسَّهم ما مسَّ أصحابَ الفيلْ ترميــهمُ حجــارة من سِجِّيلْ
ولعبتْ طير بهم أبــابيل
وهذه الأبيات في أرجوزة له، ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة، وإنما هو سنج وجل، يعني بالسنج: الحجر، والجل: الطين، يعني الحجارة من هذين الجنسين: الحجر والطين، والعصف: ورق الزرع الذي لم يُقَصَّب، وواحدته: عصفة. قال: وأخبرنى أبو عُبيدة النحوي أنه يقال له: العُصافة والعَصيفة، وأنشدنى لعلقَمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم:
تَسقى مَذانبَ قد مالت عَصيفتُها حَدُورُها من أتِىِّ الماءِ مَطْمومُ
وهذا البيت في قصيدة له. وقال الراجز:
فَصُيِّروا مثلَ كعصْف مأكول
قال ابن هشام: ولهذا البيت تفسير في النحو وإيلاف قريش :إيلافهم الخروج إلى الشام في تجارتهم، وكانت لهم خَرْجتان: خرجة في الشتاء، وخرجة في الصيف. أخبرني أبو زيد الأنصاري: أن العرب تقول: ألفت الشيء إلفاً وآلفته إيلافاً،في معنى واحد، وأنشدني لذي الرُّمَّة:
من المؤْلِفات الرملَ أدماءُ حُرَّة شُعاعُ الضُّحَى في لونِها يتوضَّحُ
وهذا البيت في قصيدة له. وقال مطرود بن كعب الخُزاعي:
المُنْعَمين إذا النــجومُ تغيــَّرت والظــاعنين لـــرحلةِ الإيــــلاف
وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
والإيلاف أيضاً: أن يكون للإنسان ألف من الإبل ؛ أو البقر، أو الغنم، أو غير ذلك. يقال:آلف فلان إيلافا؛ قال الكُمَيْت بن زيد أحد بنى أسد بن خُزَيمة بن مُدْرِكة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد:
بعـــامِ يقـــول لـــه المـــؤْلـِفـو نَ هذا المُعيم لنا المُرْجلُ
وهذا البيت في قصيدة له. والإيلاف أيضاً: أن يصير القوم ألفا، يقال: آلف القوم إيلافاً، قال الكُمَيْت بن زيد:
وآل مُــزيْقيــاء غَــدَاةَ لاقـَوْا بني سَعْدِ بْنِ ضَبةَ مُؤْلفينا
وهذا البيت في قصيدة له. والإيلاف أيضاً: أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه، يقال: الفته إياه إيلافاً.
والإيلاف أيضاً: أن تصيِّر ما دون الألف ألفاً، يقال: آلفته إيلافاً.
ما أصاب قائد الفيل وسائسه
قال ابنُ إسحاق: حدثني عبد الله بن أبى بكر، عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن سعد ابن زُرارة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " لقد رأيت قائد الفيل وسائسَه بمكة أعميين مُقعَدَيْن يستطعمان الناس ".
ما قيل في قصة الفيل من الشعر
إعظام العرب قريشاً بعد حادثة الفيل
قال ابن إسحاق: فلما رد الله الحبشة عن مكة، وأصابهم بما أصابهم به من النقمة، أعظمت العرب قريشاً، وقالوا: هم أهل الله، قاتل الله عنهم وكفاهم مئونةَ عدوِّهم، فقالوا في ذلك أشعاراً يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة، وما رد عن قريش من كيدهم.
شعر ابن الزبعري في وقعة الفيل
فقال عبد الله بن الزِّبَعْرَى بن عدي بن قيس بن عدى بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هُصَيْص بن كعب بن لُؤي بن غالب بن فِهْر:
تنكَّلوا عن بــطنِ مـــكـةَ إنـهــــا كانت قديـما لا يـُرامُ حــريمُها
لم تخلق الشعْــرى لَيَاليَ حُرِّمَتْ إذ لا عزيزَ مــن الأنامِ يرومُها
سائلْ أميرَ الجيشِ عنها ما رأى ولسوفَ يُنْبِي الجاهلين عليمُها
ستــونَ ألفــا لم يَئُوبوا أرضَهـم ولم يعش بعدَ الإيــــاب سقيمُها
كانت بــها عــادٌ وجُرْهم قبلَهـم والله مــن فــوقِ الــعبادِ يقيمُها
فلما انصرفوا عنه، انصرف عبد المطلب إلى قريش، فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرُّز في شَعَفِ الجبال والشِّعاب تخوفا عليهم من معرَّة الجيش ، ثم قام عبد المطلب، فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ، ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لاهُمَّ إن العبدَ يمنــــــــ ـــــعُ رحلَه فامنعْ حلالَكْ
لا يَغْلِبَنَّ صليبُهـــــــــم ومِحَــالُهم غَدْواً مِحَـالَكْ
( زاد الواقدي ) :
إن كنتَ تاركَهم وقِبـــ ــلتنا فأمـــْر مَـا بـــَدَا لَكْ
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها.
شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود
قال ابن إسحاق: وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصَي:
لاهُمَّ أخزِ الأسوَدَ بنَ مقصودْ الآخــذ الــهجمـةَ فيـها التقليد
بينَ حِــراءَ وثبيــر فـالْــبِيـــدْ يَحْبِسها وهي أولاتُ التّطْريدْ
فضَمَّها إلـى طماطِمٍ ســـــودْ أخْفِرْه يــا ربِّ وأنت محمود
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها ، والطماطم: الأعلاج .
قال ابن إسحاق: ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شَعَف، الجبال فتحرَّزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها.
دخول أبرهة مكة ، وما وقع له ولفيله ، وشعر نفيل في ذلك
فلما أصبح أبرهة تهيَّأ لدخول مكة، وهيأ فيله، وعبى جيشه وكان اسم الفيل محموداً، و أبرهة مُجْمِع لهدم البيت، ثم الانصراف إلى اليمن، فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نُفَيل ابن حبيب (الخثعمي) حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذه بأذنه، فقال: ابرك محمود، أو ارجع راشداً من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل، وخرج نُفَيْل بن حبيب يشتد حتى أصْعَد في الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا (في) رأسه بالطَّبَرْزين ليقوم فأبى، فأدخلوا محاجن لهم في مَرَاقه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، فأرسل الله تعالى عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبَلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعَدَس ، لا تصيب منهم أحداً إلا هلك، وليس كلهم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألون عن نُفَيْل بن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن، فقال نُفَيل - حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:
أين المفرُّ والإلهُ الطالبُ والأشرمُ المغلوبُ ليس الغالب
قال ابن هشام: قوله: " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: وقال نفيل أيضاً:
ألا حُـــيِّيتِ عنـا يـا رُدَيـْنَــا نــعمناكــم مع الِإصباحِ عينَا
(أتانـا قـابـس منكم عشــــاء فلم يقــدر لقـابســكم لــدينا)
رُدَيْنةُ، لــو رأيتِ ولا ترَيْه لدي جَنْب المُحصَّبِ ما رأينا
إذاً لعذرتِني وحمدْتِ أمـري ولم تأسَيْ على مـا فــات بَيْنا
حَمِدْت الله إذ أبصرتُ طيراً وخِفْتُ حجــارةً تُلْقَى عــلينا
وكــلّ القوم يسأل عـن نُفَيل كــأن عَلَي للــحُبْشانِ دَيــْنــَا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلِكون بكلِّ مَهْلِك، على كل مَنْهل، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط ( أناملة )أنْملة أنْملة : كلما سقطت أنْملة أتبعتها منه مده تَمُثُّ قيحاً ودماً، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرْخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدرهُ عن قلبه، فيما يزعُمون.
قال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عُتبة أنه حُدِّث:
أن أول ما رُؤيت الحصبةُ والجُد َرِي بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رُئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعُشَر ذلك العام.
ما ذكر القرآن عن قصة الفيل ، وشرح ابن هشام لمفرداته
قال ابن إسحاق: فلما بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم- كان مما يَعُدُّ الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم، فقال الله تبارك وتعالى:{ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } [الفيل:1ـ5] وقال: {لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:1ـ4]
أي لئلا يغير شيئاً من حالهم التي كانوا عليها، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.
قال ابن هشام: الأبابيل: الجماعات، ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه، وأما السِّجِّيل: فأخبرني يونس النحوي وأبو عُبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب قال رُؤبة بن العَجَّاج:
ومسَّهم ما مسَّ أصحابَ الفيلْ ترميــهمُ حجــارة من سِجِّيلْ
ولعبتْ طير بهم أبــابيل
وهذه الأبيات في أرجوزة له، ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة، وإنما هو سنج وجل، يعني بالسنج: الحجر، والجل: الطين، يعني الحجارة من هذين الجنسين: الحجر والطين، والعصف: ورق الزرع الذي لم يُقَصَّب، وواحدته: عصفة. قال: وأخبرنى أبو عُبيدة النحوي أنه يقال له: العُصافة والعَصيفة، وأنشدنى لعلقَمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم:
تَسقى مَذانبَ قد مالت عَصيفتُها حَدُورُها من أتِىِّ الماءِ مَطْمومُ
وهذا البيت في قصيدة له. وقال الراجز:
فَصُيِّروا مثلَ كعصْف مأكول
قال ابن هشام: ولهذا البيت تفسير في النحو وإيلاف قريش :إيلافهم الخروج إلى الشام في تجارتهم، وكانت لهم خَرْجتان: خرجة في الشتاء، وخرجة في الصيف. أخبرني أبو زيد الأنصاري: أن العرب تقول: ألفت الشيء إلفاً وآلفته إيلافاً،في معنى واحد، وأنشدني لذي الرُّمَّة:
من المؤْلِفات الرملَ أدماءُ حُرَّة شُعاعُ الضُّحَى في لونِها يتوضَّحُ
وهذا البيت في قصيدة له. وقال مطرود بن كعب الخُزاعي:
المُنْعَمين إذا النــجومُ تغيــَّرت والظــاعنين لـــرحلةِ الإيــــلاف
وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
والإيلاف أيضاً: أن يكون للإنسان ألف من الإبل ؛ أو البقر، أو الغنم، أو غير ذلك. يقال:آلف فلان إيلافا؛ قال الكُمَيْت بن زيد أحد بنى أسد بن خُزَيمة بن مُدْرِكة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد:
بعـــامِ يقـــول لـــه المـــؤْلـِفـو نَ هذا المُعيم لنا المُرْجلُ
وهذا البيت في قصيدة له. والإيلاف أيضاً: أن يصير القوم ألفا، يقال: آلف القوم إيلافاً، قال الكُمَيْت بن زيد:
وآل مُــزيْقيــاء غَــدَاةَ لاقـَوْا بني سَعْدِ بْنِ ضَبةَ مُؤْلفينا
وهذا البيت في قصيدة له. والإيلاف أيضاً: أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه، يقال: الفته إياه إيلافاً.
والإيلاف أيضاً: أن تصيِّر ما دون الألف ألفاً، يقال: آلفته إيلافاً.
ما أصاب قائد الفيل وسائسه
قال ابنُ إسحاق: حدثني عبد الله بن أبى بكر، عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن سعد ابن زُرارة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " لقد رأيت قائد الفيل وسائسَه بمكة أعميين مُقعَدَيْن يستطعمان الناس ".
ما قيل في قصة الفيل من الشعر
إعظام العرب قريشاً بعد حادثة الفيل
قال ابن إسحاق: فلما رد الله الحبشة عن مكة، وأصابهم بما أصابهم به من النقمة، أعظمت العرب قريشاً، وقالوا: هم أهل الله، قاتل الله عنهم وكفاهم مئونةَ عدوِّهم، فقالوا في ذلك أشعاراً يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة، وما رد عن قريش من كيدهم.
شعر ابن الزبعري في وقعة الفيل
فقال عبد الله بن الزِّبَعْرَى بن عدي بن قيس بن عدى بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هُصَيْص بن كعب بن لُؤي بن غالب بن فِهْر:
تنكَّلوا عن بــطنِ مـــكـةَ إنـهــــا كانت قديـما لا يـُرامُ حــريمُها
لم تخلق الشعْــرى لَيَاليَ حُرِّمَتْ إذ لا عزيزَ مــن الأنامِ يرومُها
سائلْ أميرَ الجيشِ عنها ما رأى ولسوفَ يُنْبِي الجاهلين عليمُها
ستــونَ ألفــا لم يَئُوبوا أرضَهـم ولم يعش بعدَ الإيــــاب سقيمُها
كانت بــها عــادٌ وجُرْهم قبلَهـم والله مــن فــوقِ الــعبادِ يقيمُها
مواضيع مماثلة
» تكميل (أمر الفيل ، وقصة النسأة)2
» أمر الفيل ، وقصة النسأة
» أمر عبد الله بن الثامر، وقصة أصحاب الأخدود
» أمر ربيعة بن نصر ملك اليمن وقصة شِقّ وسطيح الكاهنين معه
» أَمْر عَمْرو بن عامر في خروجه من اليمن وقصة سد مأرب
» أمر الفيل ، وقصة النسأة
» أمر عبد الله بن الثامر، وقصة أصحاب الأخدود
» أمر ربيعة بن نصر ملك اليمن وقصة شِقّ وسطيح الكاهنين معه
» أَمْر عَمْرو بن عامر في خروجه من اليمن وقصة سد مأرب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى