ارسال قريش الي الحبشة في طلب المهاجرين إليها
صفحة 1 من اصل 1
ارسال قريش الي الحبشة في طلب المهاجرين إليها
بسم الله الرحمن الرحيم
رسولا قريش الي النجاشي لاسترداد المهاجرين
قال ابن اسحاق: فلما رأيت قريش أن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، وانهم قد اصابوا بها دارا وقرارا ، ائتمروا بينهم أن يبعثوا فيهم منهم رجليني من قريش جلدين الي النجاشي فيردهم عليهم ، ليفتنوهم في دينهم ، يخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها ، فبعثوا عبد الله بن ابي ربية ، وعمرو بن العاص بن وائل ، وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته ، ثم بعثوهما إليه فيهم .
شعر ابي طالب للنجاشي يحضه على الدفع عن المهاجرين
فقال ابو طالب ، حين رأي ذلك من رأيهم وما بعثوهما فيه ، أبياتا للنجاشي يحضه على حسن جوارهم والدفع عنهم:
ألا ليت شعري كيف في النأي جعفر
وهل نالت أفعال النجاشي جعفرا
تعلم أبيت اللعن ، انك ماجد
تعلم بـأن الله زادك بسطة
وأنك فيض ذو سجال غزيزة
وعمرو وأعداد العدو الاقارب
واصحابة او عاق ذلك شاغب
كريم فلا يشقى لديك المجانب
وأسباب خير كلهما بك لازب
ينال الاعادي نفعها والاقارب
حديث ام سلمة عن رسولي قريش مع النجاشي
قال ابن اسحاق : حدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن ابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي ، وعن ام سلمة بنت ابي امية بن المغيرة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا الي النجاشي فينا رجلين منهم جلدين ، وان يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها الادم فجمعوا له أدما كثيرا ،ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ، ثم بعثوا بذلك عبدالله بن ابي ربيعة ،وعمرو بن العاص ، وأمروهما بأمرهم ، وقالوا لهما : ادفعا الي كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدما الي النجاشي ونحن عنده بخير دار ، عند خير جار ، فلم يبق من بطاريقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل ان يكلما النجاشي ، وقالا لكل بطريق منهم : إنه قد ضوى الي بلد الملك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينكم ، وجاءوا بدين مبتدع ، لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وقد بعثنا الي الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم ، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ، ولا يكلمهم ، فإن قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم، ثم إنهما قدما هداياهما الي النجاشي ، فقبلها منهما ، ثم كلماه فقالا له : ايها الملك ، انه قد ضوى الي بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، و جاءوا بدين ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم اشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لترددهم إليهم ، فهم أعلى بهم عينا ، واعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت: ولم يكن شئ ابغض الي عبد الله بن ابي ربيعة وعمرو بن العاصي من أن يسمع كلامهم النجاشي . قالت : فقالت بطارقته حوله : صدقا ايها الملك ، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم ، فأسلمهم إليهما فليرداهم الي بلادهم وقومهم ، قالت : فغضب النجاشي ، ثم قال : لا ها الله ، إذن لا أسلمهم إليهما ، ولا يكاد قوم جاوروني ، ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في امرهم: فإن كانوا كما يقولان اسلمتهم إليهما ، ورددتهم الي قومهم ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاوروني .
احضار النجاشي للمهاجرين ، وسؤاله لهم عن دينهم ، وجوابهم عن ذلك
قالت : ثم ارسل الي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ، ثم قال : بعضهم لبعض : ما تقولون للرجل إذا جئتموه ؟ قالوا: نقول : والله ما علمنا ، وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن ، فلما جاءوا ، وقد دعا النجاشي اساقفته فنشروا مصاحفهم حول سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه فومكم ولم تدخلوا (به ) في ديني ولا في دين احد من هذه الملل ؟ قالت : فكان الذي كلمه جعفرابن ابي طالب ( رضوان الله عليه ) فقال له : ايها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الاصنام ، ونأكل الميتة ، وناتي الفواحش ، و نقطع الارحام ، ونسئ الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا الي الله لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وأباؤنا من دونه من الحجارة والاوثان ، ,امرنا بصدق الحديث وأداء الامانة وصلة الرحم ،حسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، واكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، ,وأمرنا ان نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، وامرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت: فعدد عليه أمور الاسلام ، فصدقناه , آمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا واحللنا ما احل لنا ،فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الي عبادة الاوثان من عبادة الله تعالى ، وان نستنحل ما كنا نستحله من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا الي بلادك واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك ايها الملك ، قالت : فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله شئ ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم ،فقال له النجاشي : فاقرأه على ، قالت: فقرأي عليه صدرا من ( كهيعص) [ مريم : 1 ] قالت : فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته ، وبكت اساقفه حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال (لهم ) النجاشي : ان هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاه واحدة انطلقا فلا والله لا اسلمهم إليكما ، ولا يكادون.
مقالة المهاجرين في عيسى عليه السلام عند النجاشي
قالت : فلما خرجا من عنده ،قال عمرو بن العاص : والله لآتينه غدا عنهم بما استأصل به خضراءهم قالت : فقال له عبد الله بن ابي ربيعة ، وكان اتقى الرجلين فينا : لا نفعل ، فإن لهم أرحاما ، وإن كانوا قد خالفونا ، قال : والله أخبرنه أنهم يزعمون ان عيسى ابن مريم عبد ، قالت : ثم غدا عليه ( من ) الغد فقال (له ) : ايها الملك ، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فارسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه ، قالت : فأرسل إليهم ليسألهم عنه ، قالت : ولم ينزل بنا مثلها قط ، فاجتمع القوم ، ثم قال بعضهم لبعض : ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا : نقول والله ما قال الله ، وما جاءنا به نيننا صلى الله عليه وسلم ، كائنا في ذلك ماهو كائن، قالت: فلما دخلوا ،عليه قال لهم : ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ قالت : فقال جعفر بن ابي طالب: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ( يقول) : هوعبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الي مريم العذراء البتول ،قالت : فضرب النجاشي بيده الي الارض فاخذ مها عودا ، ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود ، قالت: فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال : وإن نخرتم والله ، اذهبوا فانتم شيوم بأرضي ( والشيوم : الآمنون ) من سبكم غرم ،ثم قال : من سبكم غرم ، ثم قال: من سبكم غرم ،ما احب ان لي دبرا من ذهب واني آذيت رجلا منكم – قال ابن هشام : ويقال : درا من ذهب ، ويقال : فأنتم سيوم ، والدبر :بلسان الحبشة : الجبل –ردوا عليهما هداياهما ،فلا حاجة لي بها ، فوالله ما اخذ الله مني الرشوه حين رد على ملكي فاخذ الرشوه فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه ، قالت : فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير ، دار مع خير جار .
فرح المهاجرين بنصرة النجاشي على عدوه
قالت :فوالله إنا لعلى ذلك إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكة ، قالت: فوالله ، مال عملتنا حزنا حزنا قط كان اشد (علينا ) من حزن حزناه عند ذلك ، تخوفا ِأن يظهر ذلك الرجل على النجاشي ِ،فياتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه.
قالت : وسار إليه النجاشي ، وبينهما عرض النيل ، قالت : اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقيعه القوم ، ثم يأتينا بالخبر ، قالت : فقال الزبير بن العوام: أنا ، فقالوا :فأنت ، و كان من احدث القوم سنا ، قالت: فنفخوا له قربة ، فجعلها في صدره ، ثم سبح عليها ، حتى خرج الي ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ، ثم انطلقوا حتى حضرهم ،قالت : فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه ، والتمكين له في بلاده ، قالت: فوالله ، إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى ، فلمع بثوبه وهو يقول: ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي ، وأهلك الله عدوه ، ومكن له في بلاده ، قالت : فوالله ، ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها ، قالت : ورجع النجاشي ، وقد اهلك الله عدوه ، ومكن له في بلاده ، واستوسق عليه امر الجشة ، فكنا عنده في خير منزل ، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة .
مواضيع مماثلة
» ذكر الهجرة الأولى الي ارض الحبشة
» خروج الحبشة على النجاشي
» ذكر من عاد من أرض الحبشة لما بلغهم إسلام أهل مكة
» تكميل (ذكر الهجرة الأولى الي ارض الحبشة)
» أمر ذي ثعلبان ، وابتداء ملك الحبشة وذكر أرياط المستولي على اليمن
» خروج الحبشة على النجاشي
» ذكر من عاد من أرض الحبشة لما بلغهم إسلام أهل مكة
» تكميل (ذكر الهجرة الأولى الي ارض الحبشة)
» أمر ذي ثعلبان ، وابتداء ملك الحبشة وذكر أرياط المستولي على اليمن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى